محمد حصاد يدعو إلى اعتماد منهجية جديدة في التعاطي مع محاربة الأمية تقوم على الصرامة وتتبع النتائج – حدث كم

محمد حصاد يدعو إلى اعتماد منهجية جديدة في التعاطي مع محاربة الأمية تقوم على الصرامة وتتبع النتائج

دعا وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، محمد حصاد، اليوم الجمعة بالصخيرات، إلى ضرورة القطع مع المنهجيات السابقة في التعاطي مع محاربة الأمية واعتماد منهجية جديدة تقوم على الصرامة وتتبع النتائج. وأوضح حصاد في كلمة افتتاح المناظرة الوطنية حول محاربة الأمية، المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار “القضاء على الأمية إنصاف والتزام وشراكة”، أن القطع مع الماضي على مستوى منهجية التعامل مع هذه الظاهرة يحتاج إلى تشخيص دقيق لواقعها.
واعتبر أن انخفاض نسبة الأمية من 40 في المئة سنة 2004 إلى 30 في المئة سنة 2014، حسب الإحصاء العام للسكان بالمغرب لسنة 2014، يعتبر مهما لكن تبقى الحاجة قائمة للرفع من وتيرة محاربة هذه الآفة، معربا عن الأمل في أن تشكل هذه المناظرة انطلاقة جديدة لمحاربة الأمية في المغرب. وأكد أن الوزارة تولي أهمية كبيرة للتعليم الابتدائي، لا سيما السنة الأولى منه، إذ أصبح يتم تسجيل التلاميذ ابتداء من سن الخامسة والنصف، كما تم خلال هذه السنة تقليص عدد التلاميذ في أقسام السنة الأولى عبر إحداث أربعة آلاف قسم جديد في هذا المستوى.
وأوضح أن هذه الإجراءات تروم الحد من الهدر المدرسي ومغادرة الأطفال للمدارس قبل أن يتعلموا القراءة والكتابة وتجنب “خروج أميين للشارع”.
وبعد أن تساءل عن جدوى المنهجية التي يتم من خلالها التعاطي مع إشكالية الأمية، لا سيما في ما يتعلق بالدعم المقدم للجمعيات العاملة في هذا المجال، أشار الوزير إلى غياب المساواة في التوزيع الجغرافي، داعيا إلى اعتماد منهجية جديدة لتحديد المناطق الأكثر احتياجا لبرامج محاربة الأمية.
وشدد أيضا على ضرورة إعادة النظر في منهجية التدريس وتتبع المدرسين بغية تحقيق النتائج المرجوة، وتحديد آلية لتتبع النتائج بتعاون مع جمعيات المجتمع المدني المعنية.
وأعرب عن استعداد الوزارة لتوفير إمكانيات أكبر للجمعيات لمساعدتها على تحقيق ما تصبو إليه من أهداف تصب في اتجاه القضاء على آفة الأمية، على اعتبار أن إمكانيات الجمعيات وكذا الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية تبقى غير كافية، موضحا أن الوزارة ستعمل إلى جانب هؤلاء الفاعلين في إطار جديد يقوم على الصرامة والتتبع وانخراط الجميع في هذا الورش الهام.
ومن جهته، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، السيد عبد اللطيف المودني، أن انشغال محاربة الأمية ليس انشغالا وطنيا بل دوليا، إذ تفيد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأن 750 مليون من سكان العالم أميون وأن 64 مليون من أطفال وشباب العالم مهددون بالالتحاق بهذا العدد.
وأضاف أن هذا الانشغال يطرح سبعة تحديات تتمثل في ضرورة التعبئة الجماعية لتطبيق مقتضيات الدستور الذي جعل من التعليم حقا للجميع، وفي كون استمرار الأمية يعيق بناء مجتمع المواطنة والديمقراطية والتنمية والمعرفة للجميع.
ويهم التحدي الثالث، حسب السيد المودني، الإصلاح الجاري حاليا بالمدرسة المغربية التي تهدف إلى إرساء تعليم منصف وجيد يضمن ارتقاء المجتمع، فيما يهم التحدي الرابع ضمان حقوق الإنسان وصون كرامته وتحرير طاقاته بصفتها رافعة جوهرية للتنمية البشرية.
وتتلخص باقي التحديات التي تطرحها مسألة محاربة الأمية، في التحدي الدولي المرتبط بتجاوز المفهوم التقليدي للأمية، إذ أضحت التكنولوجيا تفرض مراجعة جذرية لهذا المفهوم، إضافة إلى ضرورة خروج المغرب من الحلقة المفرغة لإعطاء مواعيد لا يتم الالتزام بها في برامج محاربة الأمية، فضلا عن التحدي المتعلق بضرورة تجديد المقاربات والمنهجيات لتحقيق الأهداف المتوخاة من هذه البرامج.
ومن جانبه، اقترح رئيس اللجنة الاستراتيجية والاستثمار، منسق الهيئة العلمية بالوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، السيد إسماعيل العلوي، في هذا الصدد، أن تتمكن الوكالة من إحداث جهاز مستقل يتولى مهمة تقييم الإنجازات وإبراز الاخفاقات وتقديم اقتراحات بديلة. واعتبر أن معالجة ظاهرة الأمية يحتاج إلى التخطيط والابتكار وبعد النظر وكذا التأسيس العلمي، مضيفا أن هذه المعالجة تطرح قضيتين أساسيتين تتمثلان في الاستهداف والنتائج المحققة.
ومن جهته، قدم مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، السيد محمود عبد السميح، بعض مؤشرات وضعية الأمية في المغرب، انطلاقا من خريطة الأمية التي تتوفر عليها الوكالة، والتي تعطي أرقاما حسب الجهات والجماعات.
وأوضح في هذا الشأن أن معدل الأمية في المغرب يبلغ 32 في المئة حسب الإحصاء العام للسكان لسنة 2014، فيما يقدر هذا المعدل ب 22,6 في المئة في الوسط الحضري و47 في المئة في العالم القروي، وتبلغ نسبتها في صفوف الإناث 42 في المئة و22 في المئة لدى الذكور.
وأشار إلى وجود تفاوتات بين الجهات في ما يتعلق بنسبة الأمية، إذ تفوق هذه النسبة المعدل الوطني في نصف جهات المملكة، موضحا ان الأمية ظاهرة نسائية قروية مرتفعة في ثلاث جهات.
وبخصوص عناصر تطوير منظومة محاربة الأمية، سجل السيد عبد السميح أنها تتعلق بمعرفة دقيقة للأميين وإعداد برامج ملائمة وتنفيذ جيد للبرامج إضافة إلى ضبط آليات التتبع والتقييم.
ويندرج هذا الحدث، الذي يتزامن مع تخليد اليوم الوطني لمحو الأمية الموافق ل 13 أكتوبر من كل سنة، في إطار التعبئة الشاملة لكل الفاعلين في المملكة من أجل تقوية الانخراط الوطني وتكثيف الجهود حول هدف تقليص نسبة الأمية إلى أقل من 10 في المئة في أفق سنة 2026. 
وتمثل هذه المناظرة فرصة لتقاسم وجهات النظر والتشاور حول واقع منظومة محاربة الأمية في المغرب وتسليط الضوء على الإكراهات وسبل تجاوزها.
ويتضمن برنامج المناظرة الوطنية لمحاربة الأمية، التي تتواصل أشغالها على مدى يومين، جلسة عامة حول محو الأمية الوظيفية، وورشات حول “آليات حكامة برامج محاربة الأمية” و”مقاربات منظومة محاربة الأمية” و “هندسة البرامج والمناهج” و”التكوين في مهن محاربة الأمية” و”الملاءمة بين العرض والطلب”.

التعليقات مغلقة.