المنتدى الدولي لحوار الحضارات .. رسالة جلالة الملك عصارة تاريخ مكتوب بكل لغات الإنسانية وبكل روحها المتجسدة – حدث كم

المنتدى الدولي لحوار الحضارات .. رسالة جلالة الملك عصارة تاريخ مكتوب بكل لغات الإنسانية وبكل روحها المتجسدة

أكد الكاتب الصحفي، عبد الحميد جماهري، أن الرسالة التي بعثها جلالة الملك محمد السادس إلى المنتدى الدولي لحوار الحضارات “هي عصارة تاريخ مكتوب بكل لغات الإنسانية وبكل روحها المتجسدة في مستويات متباينة”.
وكتب جماهري، في عمود “كسر الخاطر” لعدد يوم غد الجمعة من جريدة (الاتحاد الاشتراكي)، بعنوان “هذه عناصر نجاح منتدى فاس لتحالف الحضارات”، أن الوزير الإسباني السابق والمندوب السامي للأمم المتحدة للتحالف من أجل الحوار، ميغيل آنخيل موراتينوس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، انتبها إلى أن الرسالة أبعد من خارطة طريق، وأعمق من أجندة لتدبير ما بين الدورتين، بل هي عصارة تاريخ مكتوب بكل لغات الإنسانية وبكل روحها المتجسدة في مستويات متباينة”.
وسجل أن الوزير الإسباني السابق والمندوب السامي للأمم المتحدة للتحالف من أجل الحوار، دعا في ختام هذه التظاهرة ، إلى قراءة “متأنية” للرسالة التي بعثها العاهل المغربي إلى المنتدى الدولي، مضيفا أن موراتينوس “كان يتحدث بعيدا عن لغة المألوف الديبلوماسي، وهو يعبر عن قناعة تولدت لديه ولدى عموم المشاركين من قادة التحالف ومن المشاركين فيه من مستويات وطبقات وعتبات مغايرة”.
وتابع قائلا إنه من خلال كلمات الوفود ومن خلال إدماج الرسالة ومضامينها في «جينات
ADN» المنتدى وفي تكوينه المستقبلي يتبين أن الجميع أدرك أن المغرب يقدم عصارة حضارته من أجل تحالف الحضارات، في لحظة تفكك عالمي، وفي مرحلة من أقسى المراحل.
وأبرز أن “الالتزام الدائم لجلالة الملك من أجل النهوض بقيم الانفتاح، والتسامح، والحوار واحترام الاختلافات”، كان أحد العناصر التي تم تقديمها، على كل المستويات وفي لحظة التتويج، أول أمس، كعربون نجاح هذا المنتدى، لافتا إلى أن الوثيقة التي تم اعتمادها وتعميدها باسم إعلان فاس، شكلت تطورا مهما بالنسبة لأدبيات الملتقى… وذلك بالإحالة على ما أجمع عليه المسؤولون عن المنتدى والوثائق المؤسسة منها واللاحقة.
ويستطرد الكاتب الصحفي، لعل التطور يكمن في تحديد الأهداف والأولويات، وفي الروح التي نفختها الوثيقة في العمل، في سياق دولي “مشوب بالتوتر والصراع وعودة الحروب وتصاعد النزعات المقيتة واندحار الإنسانية في….. أبنائها أنفسهم!”.
وأضاف جماهري في هذا السياق لقد تحول، بما صرح به موراتينوس المندوب السامي لتحالف الحضارات، “إلى مرجعية، وهي كذلك باعتبار المغرب مرجعية كونية في التسامح وبناء الجسور بين الديانات وملتقى الأرواح الثقافية في محفل البشرية. وكما قال موراتينوس في ما يقوله العالم بالكلمات يقدمه المغرب معيشا تاريخيا قائما ومشهودا به”.
ويرى جماهري أن من تلاقح هذا المكون التاريخي تمت صياغة مضامين الرسالة، باعتبار “أن العبقرية المغربية صاغت روحنا الجماعية، التي أبهرت الحاضرين عبر العصور”، وأضاف أن الحاضرين “ردو ا الجميل الحضاري باقتباس مضامين الرسالة وتضمينها في إعلان فاس الذي يشكل تصورا عمليا للمستقبل”.
في سياق متصل، اعتبر أن العنصر الثاني في نجاح المنتدى تمثل في المشاركة نفسها، نوعيا وعدديا. وفي ذلك تم تقديم الأرقام التي تطال هذا الجانب، وبلغة الساهرين على المحفل الدولي، كانت أرقاما تحصل لأول مرة، ولعل النوع فيها أكبر من الكيف. بل عسانا نقول بدون غرور، بأن جعل إفريقيا في قلب التحالف، باحتضانه من طرف أرض إفريقية والحرص على حضور وازن للمسؤولين والدول في القارة السمراء، وأيضا من خلال المجتمع المدني والشباب، مكن التحالف من أن يعيش لحظة متميزة في المغرب، وضخ دماء إفريقية حارة وشابة في شرايينه”.
وشدد جماهري على أن المشاركة المغربية “لن تقتصر على “كأس فاس” في مونديال الحضارات، بل إن المغرب سيواصل من خلال انخراطه الإفريقي في كل الميادين في ” التصميم العملي والإجرائي لما تم الاتفاق عليه، وله رافعات عديدة في هذا الباب ليس أقلها حضوره القوي في القارة…”.
أما العنصر الثالث في النجاح، يضيف جماهري، فهو “الشهية التي فتحها نجاح فاس لدى الدول، التي سارعت إلى عرض احتضان الدورات لديها ومنها غينيا الاستوائية والبرتغال، وهو أمر صفقت له القاعة لكنه يدل على أن السنتين القادمتين لن تكونا لحظة فراغ في عمل التحالف”.
ولاحظ أن “الحضور المذهل، للشباب والمرأة، والتنظيم الجيد والرمزيات الوثيرة التي أحاطت بالحاضرين كلها شكلت عناصر نجاح، لكن في المقابل، كان الجميع يدرك بأن الكرة الأرضية توجد في قطاع استراتيجيات متناحرة أحيانا ومتباينة أحيانا أخرى، وأن التحالف، كما اتضح من خلال التدخلات، التي تقدمت بها الديبلوماسيات المشاركة ( الهند، باكستان، ارمينيا ـ اذردبيدجان كمثالين من بين أمثلة ) مطالب بالاشتغال على نفسه وأن يقيم موائد الحوار بين الأطراف المتصارعة والتي تشكل ساكنته الأممية!”.
أما العنصر الرابع، يكتب جماهري، فهو المتعلق بالتمويل الذي “طرحه غوتيريس وأعاده بوريطة وموراتينوس، وشكل موضوع حديث بعض الدول المانحة، وهو موضوع يحسن ربما إخراجه من منطق السخاء إلى منطق الآليات الملموسة لضمانه، وهو ما يطرح سؤال إلى أي حد يملك التحالف وسائل نواياه الطيبة ورغباته الإنسانية الرفيعة…؟”.
وخلص جماهري إلى أن “مهمة المغرب اتخذت صيغا تاريخية، من خلال ما راكمته الهوية المغربية من تعددية وما منحته للبشرية من نماذج حية، للتعبير عن هذا التعدد بل عيشه ككيان موحد، كما اتخذت الإنسية المغربية صيغا حداثية وعصرية من خلال دسترة هذه المكونات وإدراجها في الأفق الكوني الذي اختار المغرب أن ينتمي إليه من خلال تعريفه لنفسه، دستوريا وثقافيا، ومن خلال رعايته لهذه الأبعاد.. وفي عالم تنتمي الدول فيه إلى جغرافيات سياسية متشظية ومنشورة، يحول المغرب التعددية إلى مرافعة من أجل الانسجام. لهذا نحيا إنسانيتنا المغربية بأفق كوني وبفرح محلي أيضا.. وهو ولا شك بحد ذاته رسالة..”.

 

التعليقات مغلقة.