“النجاعة الطاقية”: حجر الزاوية في النموذج التنموي المغربي وسبيل للحد من الارتهان الطاقي للخارج – حدث كم

“النجاعة الطاقية”: حجر الزاوية في النموذج التنموي المغربي وسبيل للحد من الارتهان الطاقي للخارج

تعد النجاعة الطاقة، باعتبارها أحد التوجهات الرئيسية ضمن الاستراتيجية الطاقية الجديدة للمغرب، حجر الزاوية في النموذج التنموي الذي تعمل المملكة على إرسائه، وسبيلا للحد من الارتهان الطاقي للخارج.

ويستمد هذا التوجه الذي ينسجم والجهود العالمية الرامية إلى التقليص من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري وتوظيف الطاقات النظيفة والمستدامة، أهميته من حجم التحديات الطاقية التي يواجهها المغرب الذي لا يتوفر على موارد طاقية تقليدية كافية ويقوم باستيراد 96 بالمائة من احتياجاته، كما يواجه في ظل الدينامية التنموية التي يشهدها، طلبا متزايدا في هذا المجال (حوالي 7 بالمائة سنويا ).

ولرفع هذه التحديات، وضع المغرب استراتيجية وطنية جديدة في مجال الطاقة لتأمين التزويد بها مع نهج مقاربة قوامها التنمية المستدامة مع التحكم في الطلب على نحو أمثل.

وفي إطار هذه الاستراتيجية، تم اعتماد عدة مبادئ توجيهية همت إنشاء مزيج كهربائي أمثل يرتكز على خيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية، وتعبئة الموارد المحلية من خلال تطوير استخدام الطاقة المتجددة وتعزيز النجاعة الطاقية باعتبارها أولوية وطنية.

وحقق المغرب في إطار تنزيل هذه الاستراتيجية عدة انجازات خلال الفترة ما بين 2009 و2012 همت إحداث العديد من المؤسسات كالوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والوكالة المغربية للطاقة الشمسية، وشركة الاستثمارات في مجال الطاقة ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.

كما تم وضع إطار تشريعي وتنظيمي جديد تمثل في القوانين المتعلقة بالنجاعة الطاقية ودمج كل من المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ووضع القانون رقم 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة.

وبموازاة مع ذلك، وضعت عدة تدابير من أجل التحكم في الطلب من بينها إدخال المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض، واعتماد توقيت غرينيتش+1، وأسعار الذروة القصوى وتعزيز القدرة الاجمالية للطاقة من خلال تطوير البنية التحتية بسعة 1.400 ميجاوات، مع ميزانية قدرها 14 مليار درهم وتصميم عرض صناعي شامل ومتكامل لتعزيز الطاقة المتجددة لدى المستثمرين والمشغلين.

وفي ضوء النتائج المحفزة التي أحرزتها الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال، حدد المغرب هدفا طموحا يتمثل في رفع حصة الطاقة المتجددة في إجمالي الطاقة الكهربائية المثبتة الى 42 بالمائة في أفق عام 2020.

وفي هذا الاطار، تم إطلاق برنامجين مندمجين ومهيكلين لتطوير قطاعي الطاقة الشمسية والريحية، وهما مجمع الطاقة الشمسية لورزازات (سعة 160 ميجاواط) وحقلي الرياح حوامة والعيون (700 ميجاواط).

وفي ما يتعلق بقطاع الطاقة الضوئية، تم إنجاز دراسة جدوى بشأن استخدام الطاقة الضوئية في المباني السكنية على نطاق واسع في عام 2012، كما تم الشروع في برنامج واسع لتعزيز قدرة الإنتاج يشمل بناء مجمع الطاقة الكهرومائية (ميدز) المنزل، بقوة 170 ميجاواط، وإنجاز محطة عبد المومن لتحويل الطاقة عن طريق الضخ ، بقوة 350 ميجاواط.

ولتلبية الطلب المتزايد، أطلق المكتب الوطني للماء والكهرباء برنامجا للتجهيز سيمكن من بلوغ قدرة إضافية قدرها 5500 ميجاواط بحلول عام 2016 (مع الأخذ بعين الاعتبار مشاريع المخطط المغربي للطاقة الشمسية والمحطات قيد الإنشاء في كل من الجرف الأصفر وآسفي وجرادة).

ويعد قطاع البناء إحدى واجهات إعمال مفهوم النجاعة الطاقية بالمغرب إذ يمثل نسبة 36 في المئة تقريبا من إجمالي استهلاك الطاقة بالمغرب، منها نسبة 29 في المئة بالقطاع السكني و7 في المئة بالقطاع الخدماتي.

وفي هذا الإطار تم وضع برنامج وطني للنجاعة الطاقية في البنايات يتوخى تحسين الفعالية الطاقية بالبنايات من خلال إدراج الاعتبارات الطاقية في قطاعات حيوية مثل الإسكان والسياحة والتربية الوطنية والصحة.

ومن شأن هذا المشروع، المعزز بتنفيذ الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وبالمخططات الطاقية المعممة على الصعيد الجهوي، المساهمة في جعل المغرب نموذجا في بناء اقتصاد قائم على استعمال منخفض للكربون، وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
ويهدف هذا البرنامج المدعوم من قبل صندوق تنمية الطاقة، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والاتحاد الأوروبي، والوكالة الفرنسية للتنمية والتحكم في الطاقة إلى المساهمة في تحقيق الهدف الوطني لاقتصاد نسبة 12 في المئة من الطاقة الأحفورية في أفق سنة 2020.

إن الجهود الإرادية التي يبذلها المغرب في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، وفي صلب ذلك ضمان انتقال طاقي يستجيب للتحديات الوطنية ويقدم مساهمة قيمة في جهود المنتظم الدولي المرتبطة بالتغير المناخي، جعلته اليوم نموذجا للاقتداء ليس فقط من قبل الدول السائرة في طريق النمو ولكن أيضا بالنسبة للدول الصناعية.

ومن هذا المنطلق تعد المشاركة الوازنة للمغرب في مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 21) الذي تحتضنه العاصمة الفرنسية ما بين 30 نونبر و11 دجنبر فرصة للتعريف بالإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية التي قام بها المغرب باعتباره أحد الفاعلين الرئيسيين في مجال الانتقال الطاقي، خاصة على مستوى القارة الإفريقية.

حدث كم/و.م.ع

 

 

التعليقات مغلقة.