“محاربة السكن العشوائي بالرباط “: مقاربة تشاركية وقيم إنسانية – حدث كم

“محاربة السكن العشوائي بالرباط “: مقاربة تشاركية وقيم إنسانية

كريم  حدوش:  لقد حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،  على إيلاء عناية بالغة للقضاء على السكن غير اللائق ، حيث جاء  في خطبه السامية في هذا المجال : ” ولكي لا يرهن السكن غير اللائق والتعمير العشوائي مخططاتنا التنموية ، وبغية رفع التحدي الكبير للقضاء عليه، فإننا نهيب بحكومتنا أن تنكب على إعداد الإطار التشريعي والتنظيمي لمشروع وطني مضبوط يهدف القضاء على السكن غير اللائق الموجود” مقتطف من خطاب جلالته بمناسبة ثورة الملك والشعب ل 20 غشت 2001.

 وإنسجاما مع توجهات صاحب الجلالة أعلنت الحكومة في يوليوز 2014 عن مشروع مدن بدون صفيح الذي بالرغم من محدودية نتائجه وعدم تحقيقه لأهدافه في الآجال المسطرة له ، إلا أن هذا البرنامج الوطني بوأ المغرب مراتب متقدمة في مجال محاربة السكن العشوائي حيت صنف برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية سنة2015  المغرب في الرتبة الأولى عالميا في مجال محاربة السكن العشوائي.

ومن بين المدن المغربية التي تتوفر على أعداد هائلة  من السكن العشوائي مدينة الرباط والتي للأسف تعاني من ندرة العقار ، وصعوبة في ترحيل الأسر إلى الشقق الجاهزة، وإستحضارا للتوجهات الملكية السامية والهادفة إلى تطوير النسيج الحضري للمملكة بشكله المتناسق والمتوازن والارتقاء به إلى مستوى تطلعات الساكنة .

وإنسجاما مع ماينص عليه دستور المملكة في الحق في سكن لائق، جاءت إتفاقية تمويل و إنجاز برنامج بدون صفيح لعمالة الرباط الموقعة في أكتوبر 2014 كخطوة مهمة تهدف بالأساس القضاء على السكن الصفيحي في تراب العمالة بالإضافة إلى تحسين ظروف عيش ساكنتها.

وفي هذا الإطار وبعد معالجة العديد من الأحياء الصفيحية خاصة بدائرة يعقوب المنصور دوار الكورة نموذجا ، ورغم أن هذه المعالجة شابتها بعض الثغرات ولم تكن في حسن تطلعات الساكنة ، وإبتعدت عن منطق التشارك ومراعاة البعد الاجتماعي بل ومازالت مخلفاتها قائمة إلى اليوم ، فقد إنطلقت في أكتوبر 2017 عملية معالجة دوار الكرعة الذي يعتبر أكبر تجمع صفيحي بتراب عمالة الرباط .

ونظرا للمقاربة الجديدة التي إعتمدها السيد والي الجهة عامل عمالة الرباط السيد مهيدية والمتمتلة أساسا في تبني مقاربة تشاركية وتواصلية مع الساكنة والاستماع لمقترحاتهم ورغباتهم في ظل الإمكانيات المتوفرة والمسموح بها وإستناده على منطق الانفتاح على الساكنة من خلال عقد لقاءات مراطونية مع الساكنة، وبمنهجية ديمقراطية وإجتماعية ، تم ترحيل ساكنة دوار الكرعة من خلال منحهم حرية الاختيار بين الاستفادة من بقع أرضية بعين عودة او شقق سكنية بتمارة أو سلا او تامسنا ، ومن أجل تسريع وتيرة معالجة هذا الملف وإنصافا لساكنة هذا الحي ونظرا لصعوبة الاوضاع الاجتماعيةلبعض الأسر التي لم تستطيع إقتناء شقة او بقعة أرضية إرتأت اللجنة الاقليمية المكلفة بتفعيل هذا البرنامج العمل على سيناريو ثالث يتمتل في منح تعويض مالي قدره 150.000 درهم لكل مستفيد .

وعليه ومن خلال تواصلنا مع عدد من ساكنة دوار الكرعة عبروا لنا بكل عفوية ومصداقية عن رضاهم البالغ من المقاربة التي اعتمدتها اللجنة الاقليمية وعن إمتتنانهم الشديد للمعاملة غير المسبوقة للسيد والي الجهة عامل عمالة الرباط والمتسمة بالمرونة والانسانية وإستجابته لجميع الحالات الاجتماعية مما يؤكد بجلاء تغليب منطق الإنساني والاجتماعي في معالجة هذا الملف وعبر كذلك الساكنة عن كون هذه المعاملة الراقية التي عوملوا بها غابت في ترحيل بعض الدواوير الصفيحية المجاورة ليتم التأكيد أن أكثر من 80 في المئة من الساكنة راضون عن طريقة معالجة ترحيلهم وكونهم إستفادوا فعلا مما قدم لهم في أجواء من المسؤولية وبمنطق جديد لتعامل السلطة طغى عليه البعد الاجتماعي والإنساني وأظهر بجلاء أن إعتماد سلطة عمالة الرباط على منهجية الاستماع لهموم وانشغالات الساكنة وإشراكهم في إيجاد حلول ناجعة منصفة وعادلة هو الكفيل بتوفير سكن لائق لهم يحفظ كرامتهم ويصون إنسانيتهم وفي ذات الوقت يمكننا من القضاء نهائيا عن السكن العشوائي وإعلان مدينة الرباط مدينة الأنوار مدينة بدون صفيح.

 

 

التعليقات مغلقة.