“عبد السلام الصديقي” : البطالة تشكل ظاهرة اجتماعية مركبة تعاني منها كل الدول على اختلاف مستوياتها الاقتصادية
قال وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، “أن البطالة تشكل ظاهرة اجتماعية مركبة، تحكمها عدة عوامل، وتتدخل في صيرورتها جهات ومؤسسات مختلفة، اذ تعاني منها كل الدول على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية وبنسب متفاوتة، تبقى سبابها متعددة الأبعاد ومتشعبة الخيوط، وهي وترتبط أساسا بوثيرة النمو الاقتصادي وضعف التوازن الكيفي بين العرض والطلب، إضافة إلى الإشكاليات المرتبطة بملاءمة التكوين مع متطلبات التشغيل وكذا محدودية الآليات الضرورية لدراسة وتحديد حاجيات سوق الشغل الذي يعرف العديد من الاختلالات”.
وأضاف خلال مناظرة دولية نظمتها الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، بتعاون مع الجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل ، صباح اليوم بالرباط حول موضوع ” مواكبة المستثمرين والمشغلين لتلبية حاجياتهم في التشغيل” أن “الجميع يدرك اليوم أن موضوع التشغيل يعتبر من الإشكاليات الكبرى التي تواجهها جل بلدان العالم، إذ يشكل المحور الرئيسي لاندماج الأفراد داخل المجتمع، وبالتالي فإن إحداث المزيد من مناصب الشغل اللائق يبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه السياسات الاقتصادية والاجتماعية”، متسائلا حول ما ” إذا كان النمو الاقتصادي يشكل الرافد الأساسي لإحداث مناصب الشغل، فإنه يبقى وحده غير كاف لسد الهوة بين الأغنياء والفقراء، بين الرجال والنساء، وبين مناصب الشغل الجيدة وتلك الهشة التي ترتبط بتأهيل غير كاف لليد العاملة وضعف في الإنتاجية. مردفا القول ، فقد أصبح لزاما علينا الاستثمار في اقتصاد المعرفة و التكوين باعتبارهما عاملان أساسيان للرفع من الإنتاجية والاندماج الاجتماعي”.
وأوضح الصديقي “أن لقاء اليوم يندرج في سياق دولي واعد يتسم أساسا بمواصلة جهود استعادة التحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية؛ التي مكنت الجهود التي بذلتها الحكومات على الصعيد الدولي، بدعم مالي و تقني للمؤسسات الدولية، من مواجهة الأزمة الاقتصادية وتعزيز النمو. وقد تجلى ذلك في تطور الاقتصاد الدولي مؤخرا في استمرار الانتعاش المعتدل في البلدان المتقدمة بما في ذلك شركاء المغرب، و في الاتجاه نحو انخفاض الأسعار في أسواق المواد الأولية وكذا في استقرار نسبة التضخم العالمي في حدود 2.6 ٪”.
وبالنظر إلى مسؤولية التشغيل التي تعتبر من بين أهم مرتكزات التنمية المندمجة، اكد الصديقي “أن الحكومة تضعها في مقدمة أولوياتها وتولي بالغ الاهتمام لتعزيز التصنيع والاستراتيجيات القطاعية الأخرى، كما يشكل تحفيز الاستثمارات الكبرى ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة وإدماج القطاع غير المهيكل، دليلا على مدى اهتمامها بالتدابير المشجعة على خلق فرص الشغل. وتعتبر هذه التدابير أساس الرؤية الاستراتيجية للمملكة التي تضع التشغيل في صلب السياسات العمومية في إطار مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والمؤسساتية المرتبطة بالموضوع، وكذا مختلف أشكال الخصاص المسجلة على مستوى سوق الشغل والفئات المستهدفة من طرف برامج إنعاش التشغيل”.
وتابع الصديقي تدخله بالقول : “أن حل إشكالية البطالة يمر بالضرورة عبر تحقيق نسبة نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة من خلال تشجيع الاستثمار المنتج الكفيل باستيعاب الطلب المتزايد ومعالجة التراكمات المسجلة. وانطلاقا من هذه القناعة ووعيا بمدى مساهمة التشغيل في إنجاح التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة الإقصاء الاجتماعي، ولتهيئ بلادنا لمواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، كان لزاما علينا تبني استراتيجية شمولية من أجل التخفيف من حدة البطالة وإنعاش سوق الشغل من خلال خلق بيئة مواتية و توفير الشروط الملائمة لخلق ديناميكية اقتصادية جديدة منتجة للثروات وفرص الشغل. والتي تهدف إلى تحقيق توجهات دستور المملكة لسنة 2011 في مجال الشغل و تعزيز العمل اللائق من خلال نمو محدث لمناصب شغل منتجة وذات جودة وتأهيل الرأسمال البشري و زيادة مشاركة الشباب والمرأة في سوق الشغل وكذا تحقيق المساواة في الحصول على فرص العمل والحد من الفوارق بين الجهات في مجال للتشغيل”.
وذكر الصديقي في إطار الالتقائية بين مختلف السياسات العمومية، بالسياسة الجديدة للهجرة التي ينهجها المغرب تجاه المهاجرين الأجانب وطالبي اللجوء، والتي تعتبر بحق تجربة رائدة وفريدة لبلد ينتمي للجنوب، باعتبارها تساهم في تحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين بالمغرب .
وفي سياق الموضوع ذاته قال خالد برجاوي الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ان مناقشةهذا الموضوع ستساهم في محاولة دعم عجلة الاقتصاد المغربي والدول المشاركة والمقاولين الذين هم في حاجة دائمة للمصالح العمومية، حيث أكد ان مواكبة المستثمرين في التدريب المهني تتعلق بجانب المرافق العمومية والأجهزة التي تعتمد على الإدارة والمؤسسات المختصة.
واضاف برجاوي أن مواكبة المستثمر والمشغل تتمحور في إنشاء مراكز التدريب والتكوين خصوصا صناعة في مجال صناعة الجلد والسيارات … التي يسمح لها أن تهيكل عملية تجهيز وتشجيع الكفاءات حسب حاجيات وبوجهة نظر جميع المقاولين لتطوير الموارد البشرية بالمواكبة والتأهيل في إطار متلائم للحصول عن عمل .
كما أشار إلى ان منظومة التكوين يجب أن تعزز بتطوير الاقتصاد وتحسين اليد العاملة وأيضا المقاولات لمواجهة التحديات ومواجهة كذلك السوق الدولية .
وفي سياق الموضوع ذاته قال المدير العام للوكالة والوطنية لإنعاش للتشغيل والكفاءات انس الدكالي، أن الموضوع عرضاني يهم المستثمرين و المشغلين فحسب، بل كذلك النظام التعليمي و التكويني على مستوى الملاءمة، و قواعد اشتغال سوق العمل ارتباطا بالتشريع، و يهم كذلك المصالح العمومية للتشغيل التي هي مدعوة لاستباق الحاجيات و لإنجاح المطابقة فيما بين العرض و الطلب و مواكبة الشركات لتحديد أمثل للحاجيات في التشغيل من كفاءات و قدرات و سلوكيات و اللجوء للتكنولوجيات الحديثة التي أثبتت أهميتها.
وأضاف أننا كمصالح عمومية للتشغيل، يجب علينا العمل على تحسين شفافية سوق الشغل و المساهمة في تقليص السوق الخفية بشكل تدريجي، مع الانخراط في شراكات فعالة مع القطاع الخاص.
وأشار كذلك إلى أن جهة الشرق الأوسط و الدول العربية تمر اليوم من مرحلة انتقالية دقيقة و مقلقة. جعلت العديد من دول المنطقة تعيش حالة من اللا أمن و عدم الاستقرار السياسي ولّدت أوضاعا اقتصادية و اجتماعية و إنسانية جديدة، زادت من تفاقم إشكاليات متواجدة مسبقا كموجات الهجرة و اللجوء و هشاشة الشغل و ضعف البنيات التحتية الاقتصادية و هروب رؤوس الأموال.
و في هذا الإطار، زاد المدير العام للوكالة أنه يتم العمل على مواكبة القطاعات الواعدة، و بالأخص قطاعات صناعة الطيران و صناعة السيارات و الالكترونيك و ترحيل الخدمات، من خلال مساهمات مالية من الوكالة في التكوين من أجل التشغيل و التكوين المستمر لفائدة العاملين بهذه القطاعات.
بالإضافة إلى ذلك، طورت الوكالة برامج قطاعية بشراكة مع جمعيات مهنية لتوفير مواكبة ملائمة لبعض القطاعات، كبرنامج Call Académie الذي يهم قطاع ترحيل الخدمات و مهن العلاقة مع الزبناء، و برنامج Aeropro الخاص بقطاع الطيران، و برنامج أكاديمية التدريس بالنسبة لقطاع التعليم الخصوصي. و تعمل الوكالة على تطوير برامج جديدة لفائدة قطاعات أخرى كقطاع الصحة و الأمن الخاص.
بلعسري
التعليقات مغلقة.