في إطار دورة الندوات الشهرية “خارج الأسوار” ، نظم قطب العلوم السياسية بالجامعة الدولية للرباط ، بشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ، أمس الثلاثاء 22 مارس بالرباط ندوة في موضوع “توترات الشأن الديني الحديث”، دعت بالخصوص إلى تطوير مناهج البحث في الفكر الإسلامي الحديث.
وفي مداخلة للأستاذ محمد المستيري، وهو فيلسوف تونسي وعالم دين بجامعة الزيتونة، دعا إلى اعتماد مقاربة جديدة في النظر إلى موضوع الشأن الديني وفهم القرآن الكريم، والقيام بنظرة نقدية جريئة تعيد النظر في التفسيرات والتأويلات السابقة، وإلى رؤية فلسفية شاملة تسهم في تجديد الإنسان والإنسانية وقيم الحق والفضيلة.
وأقر المستيري، في هذه الندوة التي أدارها الباحث الأنتربولوجي فريد العسري (الجامعة الدولية)، بوضعية العجز التي يعيشها الفكر الإسلامي في البحث عن هوية تدرجه في إطار الفكر الإنساني العالمي، متسائلا لماذا لم يتحول مشروع النهضة الفكرية الإسلامية في القرن 19 إلى واقع عملي.
وأكد المستيري أن فقدان المرجعية الإنسانية يجعل الدين غير قادر على إنتاج الحوار والاعتراف بالتنوع الإنساني، مشيرا إلى أن السؤال النهضوي قبل قرنين من الزمان كان “لماذا تأخر المسلمون” ، فيما السؤال الحالي هو “كيف” لأن السؤال السابق لم يعد يكفي للاستجابة للحاجيات الحقيقية للمسلمين. وأعرب المفكر التونسي عن اعتقاده أن الحل يكمن في تبني رؤية جذرية تتمثل في إحداث علوم قرآنية عملية تستهدف الواقع العملي الإسلامي باعتباره واقعا إنسانيا، وذلك بهدف خلق فكر إسلامي بديل.
ودعت الطبيبة والكاتبة أسماء المرابط ، مديرة مركز الدراسات النسائية في الإسلام التابع للرابطة المحمدية لعلماء المغرب، من جهتها، إلى نظرة ثالثة بين الجمود والتسيب، تمنح الأولوية للمفهوم العميق للإسلام، وإلى العودة إلى المعنى الحقيقي واستيعاد التأويلات.
وأوضحت الدكتورة المرابط ، في مداخلتها، أن هناك ثلاث مستويات من القراءة تتمثل في شمولية القرآن لأنه يفسر بعضه بعضا، واعتماد مقاصد الشريعة التي تم تهميشها بعد الشاطبي في القرن 11 ، والتي تتمثل في إقامة المصلحة العامة ورفع الحرج وإقامة العدل، وكذا القراءة الاجتهادية حتى في زمن الرسالة المحمدية.
وأشارت الباحثة المغربية إلى الأبعاد الإنسانية والمساواتية والاجتماعية (سوسيوظرفية)، وكذا إلى إعادة قراءة موضوع المساواة بين الرجل والمرأة من خلال مفاهيم إعادة قراءة القرآن على ضوء التوحيد الذي يعكس التحرر الإنساني، والقراءة، وتحرر الضمير، والدعوة لاستعمال العقل والتدبر.
وقالت السيدة أسماء المرابط أن المشاركين “حاولوا اليوم القيام بقراءة في ما يقع حاليا في العالم المعاصر حول قضايا الإسلام بصفة عامة، وحول المقاربة الجديدة للإسلام، وكيف يمكن اليوم مواجهة أشكال العنف التي تتم باسم الإسلام وكذا التطرف، والقيام بالخصوص بقراءة في ما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، وهو ما سنحاول بحثه في هذه الندوات التي تنظم بفضل الجامعة الدولية للرباط والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية”، معتبرة “هذه القراءة الحديثة ضرورية لتجاوز المآزق التي نتخبط فيها“.
ومع
التعليقات مغلقة.