هل إنهاء بعثة المينورسو في الصحراء المغربية تضر بمصالح المغرب؟! – حدث كم

هل إنهاء بعثة المينورسو في الصحراء المغربية تضر بمصالح المغرب؟!

+ د.حسن عبيابة : في ندوة حول قضية الصحراء المغربية نظمت بكلية الحقوق عين السبع بجامعة الحسن الثاني بالدار البيصاء بتاريخ 10ماي 2018م،وقدمت مداخلة تحت عنوان:
(أي مقاربة جيوسياسية لملف الصحراء المغربية في حالة فشل مخطط التسوية الأممي في صغته الحالية)

وكان تحليل المداخلة هو دراسة السياق العام للسياسة الدولية ،وتشكل جديد للعلاقات الدولية خارج مؤسسات الأمم المتحدة بعد اندلاع الصراعات في الشرق الأوسط من جهة، وظهور سياسة أمريكية جديدة في عهد الرئيس ترامب من جهة ثانية، وبالتالي فأن أهمية قضية الصحراء في السياسة الدولية أختلفت بعد تدويل العمليات الإرهابية وضعف الدولة في ليبيا وهشاشة الإستقرار في تونس ومصر وتخوف من الأزمة السياسية الداخلية للجزائر وموريتانيا، لأن تعميم الفوضى وتعميم لااستقرار  يعني دعم الإرهاب في إفريقيا ومنه إلى أوروبا والعالم.
وبالتالي كان لابد من قراءة تقاطعية لموضوع الصحراء المغربية من منظور السياسة الدولية في بعدها الجيوسياسي الإقليمي انطلاقا من القرار الأخير رقم 2440,حيث ظهرت بوادر تخلي الأمم المتحدة عن ملف الصحراء في إطار التقشف المالي وإعطاء أولوية لمناطق التوتر في مناطق أخرى من العالم، وهو دفع الولايات المتحدة إلى طلب خفض من ميزانية من بعثة المينورسو إلى حوالي النصف أى من 18.4 مليون دولار إلى 8.4 مليون دولار، وتخفيض أفراد البعثة من 400 شخص إلى حدود 200 فقط ،وتقليص مدة عمل المينورسو من سنة إلى ستة شهور ويمكن تقليصها إلى ثلاثة شهور مستقبلا لاتخاذ القرار حول استمرارية بعثة المينورسو من عدمها. ولذلك فإن الضغط على الأطراف لاستعجال الحل أو البحث عن حلول أخرى  لم يكن يستعجل الحل في الصحراء بقدر ما يستعجل إنهاء بعثة المينورسو، والبحث عن حلول لقضية الصحراء قد تكون خارج إطار الأمم المتحدة، وقد يكون إنهاء بعثة المينورسو هي الحل الأممي الأمثل.
ولهذا وجب التفكير في إعادة النظر في كل الخيارات المتاحة وغير المتاحة إذا فشل مخطط التسوية الأممي في صغته الحالية
ويبدو أن أن القرار الأممي الأخير  وجد حلا في القاموس اللغوي فقط،وذلك باستبدال كلمات محل كلمات أخرى بحثا عن التوازن اللغوي لكنه في الواقع لم يجد حلا عمليا قابلا للحل السياسي.
ويبقى قرار 1754 لعام 2007 الذي دعم فكرة حل عملي وواقعي وهو ماجاء به مقترح الحكم الذاتي 2007. 
وكما يبدو أن جميع الٱليات الأممية قد  استنفدت مهامها وجهودها على المستويات التالية:
1. المبعوث الأممي،ودوره  محدد في عقد لقاءات مع جميع الأطراف المعنية وتقديم تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، وكل المبعوثين الأمميين لم يتمكنوا من إقناع أي  طرف.
2.  الأمين العام للأمم المتحدة،ودوره تقديم  تقريرا بناء على تقرير المبعوث الأممي لمجلس الأمن، وكل التقارير هي نسخة مكررة يضاف إليها بعض الفقرات العامة فقط.
3. مجلس الأمن،ودوره تداول التقرير وتقديم اقتراحات من أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغيرهم، تم اعتماد القرار الذي يدعو الأطراف إلى إتخاذ تدابير معينة،
4. دور بعثة المينورسو، ودورها الحالي مراقبة اتفاقية إطلاق النار، في البداية كان مهمتها على الأرض وهي الإشراف على وقف إطلاق النار لعام 1991.وتنظيم الاستفتاء في غضون 24 أسبوع منذ  إنشائها في سبتمبر 1991.وعندما فشل الإستفتاء بعد 15 سنة لم تبقى وظيفتها الأولى قائمة وهي إجراء عملية الإستفتاء، وتحولت إلى الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار  وحتى هذه المهمة فشلت فيها،حيث تراقب وفق اطلاق النار ولم تتمكن من الإشراف على تطبيق الاتفاق حسب الحدود الجغرافية المتفق عليها وهذا إخلال بوظيفة البعثة الأممية الأساسية التي عينت من أجلها،ولهذا طالب بعض أعضاء مجلس الأمن الدائمين بإعادة النظر في وظيفة المينورسو الحالية وتحجيم مواردها المالية 
وتطبيق القرارات السابقة واللاحقة،
وبناء على ماسبق يبقى الهدف هو وضع تصور سياسي وعسكري وأمني لهذه المرحلة التي باتت أنها قادمة وتتأكد من حين لٱخر،لان مهمة المينورسو الأساسية انتهت بفشل تنظيم الاستفتاء، وأصبحت تقوم لمراقبة وقف إطلاق النار منذ 1991.وعليه فإن محاولة تحويل مهام بعثة المينورسو الى مهام أخرى بائت بالفشل بما فيها مهام مراقبة حقوق الانسان،كما أن فشل مراقبة تحركات البوليساريو في المناطق العازلة، وترك جبهة البوليساريو تحتل جزء من المناطق العازلة والبناء فيها أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن البعثة عاجزة عن توقيف التجاوزات والخرقات التي تمنعها اتفاقية وقف إطلاق النار، ويمكن الجزم بأن بعثة المينورسو قد فشلت في تحقيق أي تقدم في ملف الصحراء،وهذا ما أكده بولتون  مستشار الرئيس الأمريكي في تصريح بندوة في مؤسسة للأبحاث حيث دعا الى حدف تمويل بعثة “المينورسو” لأنها فشلت في أداء مهامها.
كل هذا يجعل من بقاء بعثة المينورسو في الصحراء بدون جدوى،كما أن ملف الصحراء المغربية يعتبر منتهيا للمغاربة بعد المسيرة الخضراء ،بالإضافة الى أن عملية إنهاء بعثة المينورسو تعني إنهاء الملف بالكامل من الأمم المتحدة، وهذا يعني بالضرورة إنهاء جبهة البوليساريو،لان الجبهة تستمد خطابها وقوتها من وجود ملف الصحراء في الأمم المتحده،وربما أن هذه هي الطريقة الوحيدة لانهاء النزاع الطويل في ملف الصحراء المغربية،ولذلك نجد البوليساريو تعيش رعبا كبيرا عندما تسمع التهديد بانسحاب بعثة المينورسو من الصحراء، لأن هذا يعني إنهاء جميع المنابر الدولية التابعة للأمم المتحدة.

ويبدو أن ملامح هذا الحل بدأت تتضح بعد 
مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتكررة، بسحب المساعدات الأمريكية وتوقيف تمويل بعثات حفظ السلام في إفريقيا، بما في ذلك البعثة الأممية الموجودة بالصحراء “المينورسو” في إطار  إستراتيجية جديدة أكدها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في تطوير علاقات اقتصادية مع دول القارة الأفريقية من أجل محاربة التطرف والإرهاب من جهة وترشيد أموال دافعي الضرائب الأمريكية بشكل جيد من جهة ثانية.كما أن المغرب يتفق في جزء كبير مع ما جاء على لسان بولتون حول بعثة “المينورسو لأنه في سنة 2000 وقع تغيير في بنية البعثة الأممية، ولم يعد بإمكانها أن تحل أي نزاع الصحراء.
ويبدو أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير  رقم 2440، أن مهمة بعثة “المينورسو” تتمثل في حفظ السلام بالصحراء والحرص على تهدئة الأوضاع في المناطق المتنازع ع والمساعدة على بناء الثقة وتخفيف التوتر بين أطراف النزاع،بمعنيى أن بعثة المينورسو لم يبقى لها أي علاقة بإنحاح العملية السياسية.
بالإضافة إلى أن تكلفة المينورسو المقدرة بحوالي 50 مليون دولار في السنة، ويوجد ضمنها حوالي 230 عنصرا،أصبحت عالة على الأمم المتحدة بدون جدوى.
الشىء الذي دفع بعض المسؤولين الكبار في واشنطن إلى طلب إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة بالصحراء المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار،
بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتملك الصلاحيات كلها لإنهاء”المينورسو”؟ لكن لديها وزن داخل مجلس الأمن يمكن أن تؤثر به لإنهاء بعثة المينورسو.
وبالطبع فإن هذا يتطلب إقناع الولايات المتحدة الأمريكية لدول أعضاء مجلس الأمن، لأن قرارا من هذا النوع يتطلب الإجماع بدون استخدام حق “الفيتو”.
وخصوصا فرنسا التي تستفيد من بقاء ملف الصحراء في الأمم المتحدة من أجل استعمال حق الفيتو لصالح المغرب للإستفادة من بعض الإمتيازات في المغرب،

من أجل هذا كله يجب على المغرب أن يتهيأ إلى هذه المرحلة على كافة المستويات لانهاء الملف أمميا من جهة ولربح الرهان في تنمية المنطقة ودمجها في محيطها الإقليمي والدولي.

+ أستاذ التعليم العالي

التعليقات مغلقة.