بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر :المغرب أقوى من عجرفة رجال النظام في جارتنا الشرقية – حدث كم

بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر :المغرب أقوى من عجرفة رجال النظام في جارتنا الشرقية

دأب رجال النظام الجزائري ، ومعهم أفراد النخبة الذين يسيرون في ركبهم على التباهي ، إلى حد المغالاة ، باتساع الرقعة الجغرافية لبلدهم ، وإلى الادعاء بأن الجزائر أقوى دولة وأكثر تطورا في ميادين كثيرة من الدول التي يتخيلونها أو يستهدفونها .

 ولقد ذهب الرئيس عبد المجيد تبون، الى القول بان النظام الصحي في الجزائر أفضل من أي نظام في المغرب العربي وإفريقيا ، رغم أنه التجأ للعلاج في المانيا ولمدة طويلة وعلى فترتين ، وكثيرا ما ردد ذلك ليقول أنه الواقع كما يراه سواء في الميدان الصحي أو غيره أحب من أحب وكره من كره .

والواقع أن الجزايريين عندما يفعلون ذلك فأنهم يثيرون الشفقة مما أصابهم من غرور، ويبرهنون على أنهم غير مدركين بأن عظمة الدول لا تقاس باتساع رقعتها الجغرافية ، ولا بما تتوفر عليه من ثروات ، ولكن بما تصنعه الأمم والدول من مجد علمي ، وبما يوفره الإنسان لمجتمعه من أسباب العيش الرغيد ، وبما يساهم به في تعزيز الأخوة بين البشر ، وبما يساعد على استتباب الأمن والأطمئنان والسلام في ربوع العالم ، وتقاس عظمة الدول أيضا بقدرتها على التعايش مع محيطها الجغرافي وأرساء التحالف والتآزر لبناء المستقبل مع التجمعات الإقليمية حولها ,

وليس من لغو القول بأن التاريخ يقدم لنا الدروس لمن يريد أن يتعظ ، ويدفعنا إلى أن نتساءل : “هل لا يوجد من بين الرجال الذين يحكمون الجزائر،  من يملكون عقولا نيرة ليستخلصوا الدروس والعبر، مما حدث عند جيراننا الأروبيين الذين أنهوا ما كان بينهم من صراع وعكفوا على البناء والتشييد ، مجتمعين ليجعلوا من القارة الأروبية نموذجا يقتدى “.

 فلم تكن لا فرنسا ولا ألمانيا، قد اغترتا بما تملك كل واحدة منهما ، من قدرات وإمكانيات لكي تسعى أي منهما لتكون أقوى نفوذا في محيطها ، ولفرض هيمنتها على من حولها من الدول والأقطار .

سأعود الى منتصف السبعينات لاذكر بالمسعى الأمريكي ، للتأكد بما كان نظام هواري بومدين يخطط له، لفرض هيمنة الجزائر على المنطقة المغاربية ، حينما توجه هنري كيسنغير الى الجزائر ليواجه قائدها بأسئلته المحرجة .

 وأعود لنفس الفترة لأذكر كذلك ، بما واجه به الرئيس هواري بومدين ضيفه الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان،  محذرا لمن يريد أن يسمع بأن على فرنسا ان تتخلى عن أفريقيا ، لان أفريقيا لنا أي للجزائر كما قال له ! .

وهذه الروح روح الهيمنة التي خالجت الراحل هواري بومدين، ما تزال تسيطر على عقول من خلفه منذ رحيله الدراماتيكي في نهاية 1978 ، ويعتبرها المتحكمون في المؤسسة العسكرية، الذين يديرون دفة الحكم في البلاد أرثا،  يسهرون على استمرار تبنيها والحرص على تطبيقها !.

والآن ، عندما يقول الرئيس عبد المجيد تبون، موجها الخطاب لأحد أطراف النزاع في ليبيا : “إن طرابلس خط أحمر، ويرددها على غرارما يقال في الحروب ، وعندما تسعى الجزائر لفرض أرادتها فيما يحدث في جمهورية مالي ، وعندما تعبئ وتجند فلول الانفصاليين الصحراويين، وتسلحهم للدخول في حرب ضد المغرب، ولمحاولة الحيلولة دون تكريس وحدته الترابية والوطنية ، الآن ، والجزائر إذ تفعل ذلك وغيره من التدخلات والابتزازات الممارسة في محيطها الإقليمي ، ماذا يمكن أن نسمي ما تفعله وبماذا يمكن أن ننعثه ؟ !

لنترك الملاحظين،  يبحثون عن وصف للتصرف الجزائري في محيطها ، ونقول نحن لجيران السوء في شرق بلادنا : “إن المغرب أقوى ماديا ومعنويا من أن تنال منه عجرفة حكام الجزائر ، وفي نفس الوقت أكثر تشبثا بالسلام وسعيا لتحقيقه ليعيش في سلام ووئام، مع محيطه شرقا وشمالا وجنوبا “.

الدار البيضاء 5 يوليوز 2021

عبد السلام البوسرغيني

التعليقات مغلقة.