ملتقى جهوي للبيئة بالداخلة يبرز الخبرة التي اكتسبها المغرب في مجال حماية البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية – حدث كم

ملتقى جهوي للبيئة بالداخلة يبرز الخبرة التي اكتسبها المغرب في مجال حماية البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية

شكل الملتقى الجهوي للبيئة بجهة الداخلة وادي الذهب، الذي نظمته شبكة خليج الداخلة للعمل الجمعوي والتنمية (21 و 22 أكتوبر الجاري) فرصة سانحة لإبراز الخبرة التي اكتسبها المغرب في مجال حماية البيئة والرهان على التنمية المستدامة، وأيضا في تعزيز جهوده الرامية لحماية البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية والحد من تأثيراتها السلبية.
وسعى المنظمون عبر اختيارهم شعار” التغيرات المناخية ورهانات التنمية المستدامة” لنسخته السادسة، التي اختتمت مساء أمس الأحد، الى دعم القدرات الوطنية والجهوية في مجال وضع السياسات والمعايير وآليات التحكم في الطاقة من خلال تبني وتنمية الطاقة النظيفة.
وفي هذا الإطار، استعرض عدد من الخبراء والباحثين المتخصصين في المجال خلال الملتقى، الذي نظم بمناسبة اليوم العربي للبيئة ويوم الساحل، الاستراتيجيات المعتمدة على المستوى الوطني في مجال البيئة، وكذا الخبرة التي اكتسبها المغرب والتي باتت تعي الأهمية القصوى لقضايا التغيرات المناخية وخطرها على المجتمعات والبلدان.
وفي علاقة بالموضوع، قارب نائب رئيس “الشبكة العربية للبيئة والتنمية”، محمد فتوحي، في قراءة “مخرجات قمتي باريس (كوب 21) ومراكش (كوب 22 ) حول التغيرات المناخية” الإشكالية المناخية ذات الأبعاد المعقدة بيئيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا .
واستعرض فتوحي، وهو أستاذ باحث، الدور الذي لعبه المغرب، رسميا وعلى مستوى مكونات المجتمع المدني والفاعلين غير الحكوميين، في تنظيم وإنجاح الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف بمراكش (كوب 22) والجهود التي بذلها بالنسبة للمبادرات التي تهم القارة الإفريقية في مجال التكيف ونقل التكنولوجيا والتمويل وتعزيز القدرات ومسألة الزراعة والمياه والمحيطات.
ودعا إلى إبراز ومناقشة نتائج (كوب 22) مع التأكيد على عناصر القوة والحدود التي تشكل رهانات وتحديات (كوب 23 ) بألمانيا، وعلى الخصوص، الإسراع بتنزيل مضامين والتزامات اتفاق باريس، وضمان التنفيذ السليم لهذه الالتزامات، والاعتراف بالصلات بين الصحة والمناخ والبيئة والتنمية والاستقرار السياسي والحد من الهجرات والكوارث الطبيعية، وأهمية إتباع نهج بديل للتنمية يستحضر متطلبات التكيف والتخفيف مع التغير المناخي.
وتطرق الى وجود بلدان ملوثة وأخرى تتحمل تبعات انبعاث الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري، وبالتالي بروز قضايا أساسية تشكل نقط اختلاف بين البلدان الأكثر تلويثا والدول النامية التي تتحمل تبعات مشكلة لا تساهم فيها إلا بنسبة جد محدودة.
واستنتج أن هذه الاشكاليات أفرزت مفاهيم تحيل على مسألة “العدالة المناخية” كمبدأ جوهري يهيمن على مفاوضات مؤتمرات الأطراف ماضيا ومستقبلا منذ تسعينيات القرن الماضي مرورا ب (كوب 21 ) سنة 2015 ( اتفاق باريس حول المناخ كمرحة ما بعد كيوتو ) وصولا الى (كوب 22 ) بمراكش الذي أريد له أن يكون مؤتمر العمل لتنزيل اتفاق باريس على أرض الواقع.
وتحت عنوان “الثقافة البيئية عند الانسان الصحراوي: أي رهان لمواجهة أسباب وتداعيات التغير المناخي؟” أبرز رئيس مجموعة البحث والدراسات حول الساحل والصحراء الأستاذ بجامعة محمد الخامس، عبد العزيز فعراس، الممارسات الأصيلة الصديقة للبيئة التي يزخر بها التراث الثقافي الوطني والتي تساهم وتمكن من التكيف الناجع مع التغيرات المناخية.
واستشهد الباحث بالتقنيات التقليدية التي طورها المغرب في هذا المجال، من قبيل الخطارات والبدوزة والبناء بالتراب المدكوك وتقنيات السقي التقليدية، مشيرا إلى أن سكان الصحراء البدو استطاعوا بالاعتماد على معارفهم التقليدية أن يتكيفوا مع قساوة المناخ من شدة الحرارة والبرودة والجفاف و العواصف الرملية.

ملتقى جهوي للبيئة بالداخلة يبرز الخبرة المغربية في مجال حماية البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية (2/2) وتحدت الباحث عن إبداع سكان الصحراء الذي يتجلى في “ثقافة مدبرة للندرة المائية والنباتية والحيوانية”، بعيدا عن كل تبذير، وفي الاعتماد على وسائل وأدوات ومنتجات ميزتهم في تغذيتهم وملبسهم، ومسكنهم ونشاطهم الاقتصادي والثقافي الذي يتأقلم مع البيئة الصحراوية الحساسة.
وفي هذا الإطار أشار الى أن عوامل الصحراء القاحلة، والطقس الحار الجاف، وندرة المياه والموارد الطبيعية، هي التي دفعت بالبدو إلى الاعتماد على الإمكانات المتاحة لديهم، أيا كانت، للبقاء على قيد الحياة، مبرزا الحياة البساطة للبدو وتعاملهم مع البيئة المحيطة بهم باحترام، وتفننهم في خلق استراتيجيات تتوخى اختراق الجغرافية والظروف المناخية.
وبعد أن سجل أن الصحراء من خلال هذه الثقافة والمعارف، ومن خلال معجمها الحساني المتداول بين ساكنتها تعد بمثابة “مختبر للتكيف مع التغيرات المناخية القصوى”، محذرا من كون هذا التراث “لا يستثمر كما يجب، وقد يتعرض للاندثار علما أن تثمينه يقوي القدرة على مقاومة التغيرات المناخية، مما يدفع إلى التفكير الجاد في ضرورة تسجيل هذا التراث الحساني وتوثيقه” قبل التحسر على ضياعه.
من جهته تطرق مدير المعهد الوطني للتهيئة والتعمير بالرباط، عبد العزيز عديدي، لموضوع “التخطيط الحضري في مواجهة التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية بالمغرب”، معتبرا أن التخطيط الحضري في مفهومه الواسع هو منهجية وإطار شمولي لضبط التطورات العمرانية.
ودعا الى الامتثال للضوابط التنظيمية للبناء والتعمير الرامية إلى إدماج المكونات الاجتماعية والاقتصادية والمجالية والبيئية المتعلقة بالمدينة عبر إشراك القطاعات والمؤسسات الفاعلة في ميدان التعمير.
وأبرز المتدخل أن الأنشطة البشرية أصبحت عاملا قويا في الاضطرابات المناخية، مشيرا الى أن التغيرات المناخية أضحت واقعا ملموسا، حيث أصبحت المدن والتجمعات الحضرية عرضة، أكثر من أي وقت مضى، للكوارث الطبيعية والاختلالات الاجتماعية والديموغرافية.
ونبه الى عدم احترام وتطبيق توجهات ومقتضيات النصوص المرتبطة بالتعمير “رغم تعددها”، ورغم تعدد أدوات التدخل والتخطيط العمراني (التصميم المديري وتصميم التهيئة والتصاميم القطاعية ).
وقد أشاد المشاركون في الملتقى باعتماد المغرب استراتيجية للتنمية المستدامة تعزز التوازن بين الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية بهدف تحسين البيئة المعيشية للمواطنين، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وتشجيع استخدام تكنولوجيات الطاقة النظيفة.
كما نوهوا بإدماج البيئة في السياسات التنموية والمناهج التربوية بالمغرب عبر اعتماد ميثاق وطني شامل للبيئة والتنمية المستدامة وفق مبادئ المشاركة والالتزام والتعاقد والتشاور، وإصدار ترسانة من القوانين البيئية تهم على الخصوص الاقتصاد الأخضر، وترشيد المياه، والطاقة والنفايات والمحميات الطبيعية.
وأجمعو أيضا على أن تغير المناخ يشكل أحد أكبر تحديات العصر التي تواجه البشرية، ما يستدعي تعبئة من المجتمع الدولي من أجل تنمية مستدامة ومتوازنة تحفظ البيئة.

ح/م

التعليقات مغلقة.