دعا رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، أمس الخميس بالرباط، إلى ملاءمة السياسات المتعلقة بمغاربة العالم مع التحولات المرتبطة بالعوامل الجغرافية والديمغرافية والثقافية والاجتماعية الراهنة.
وأكد السيد اليزمي، في كلمة له خلال ندوة نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج وجمعية جهات المغرب، تحت شعار “تعزيز مساهمة مغاربة العالم في تنمية الجهات”، أن هذه السياسات يتعين أن تأخذ في الاعتبار أيضا ارتفاع حركية وتنقل النخب المهنية وشيخوخة الأجيال الأولى في بلدان المهجر، لا سيما من خلال استهداف الأجيال الصاعدة والفئات الهشة.
وتوقف، في هذا الإطار، عند أهمية التركيز على العمل الثقافي الذي ينبغي أن يصبح أساسا للعلاقة مع الأجيال الجديدة، وتعزيزه في بلدان الإقامة، إلى جانب دعم الإبداع لدى أبناء المهاجرين، مستعرضا، في هذا الصدد، مقترحات مجلس الجالية المغربية بالخارج المتعلقة بإحداث وكالة مغربية للعمل الثقافي بالخارج، فضلا عن صياغة قانون إطار يحدد حقوق مغاربة العالم.
وفي السياق ذاته، أشار السيد اليزمي إلى أن هناك نماذج ملموسة ومتنوعة لإشراك مغاربة العالم على المستويين المحلي والجهوي، من خلال الحفاظ على روابط متينة بالمناطق التي يتحدرون منها، مذكرا بأن عددا من جهات المملكة نسجت علاقات مثمرة مع الكفاءات المغربية المهاجرة.
وسجل أن المبادرات المتخذة، في هذا الصدد، تشمل مشاريع التنمية المحلية في القرى والاستثمارات الإنتاجية، ومساهمات شبكات الكفاءات العالية، واتفاقيات الشراكة مع الجماعات الترابية الأجنبية في إطار التعاون اللامركزي الدولي للجماعات الترابية، داعيا إلى استحضار برامج التنمية الجهوية الجديدة لأهمية إشراك مغاربة العالم.
وأضاف أن جهات المغرب الـ 12 لا تعد المجال الترابي الضروري للتنمية الاقتصادية فحسب، بل باتت كذلك المجال الأمثل لتنفيذ السياسات القطاعية وتعزيز المشاركة الفعلية للمواطنين في إدارة الشؤون الجهوية، مشددا على أن المقاربة الترابية تشكل حجر الزاوية في بلورة سياسة متجددة لتعبئة الجالية المغربية بالخارج.
من جهتها، أكدت رئيسة جمعية جهات المغرب ورئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، مباركة بوعيدة، على ضرورة مأسسة الحوار مع مغاربة العالم عبر الهيئات الاستشارية الجهوية الخاصة بالطفولة والشباب والمجتمع المدني، داعية إلى إحداث هيئات استشارية جهوية من شأنها تحديد كفاءات مغاربة العالم وتيسير التواصل بينهم والجماعات الترابية حول آفاق العمل.
كما شددت على ضرورة استغلال الإمكانات التي يتيحها التعاون اللامركزي والتمويلات الدولية الموجهة للشبكات الوطنية، إلى جانب العمل على عناصر أخرى، منها توطيد التواصل وتبادل الخبرات، وبذل المزيد من الجهد لتعزيز الخطوط الجوية بين مختلف جهات المملكة وشتى بقاع العالم.
وخلصت السيدة بوعيدة إلى القول إن جمعية جهات المغرب منفتحة على تلقي الاقتراحات بشأن مراجعة القانون المتعلق بالجهات، من أجل تمكين مغاربة العالم من ممارسة أدوار فعالية في التنمية المجالية.
وفي مداخلات شهدتها هذه الندوة التي عرفت حضور منتخبين جهويين وجمعيات الهجرة ومؤسسات عمومية وباحثين من المغرب وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة، أجمع المشاركون على أهمية الربط بين الخصوصيات المجالية والجاليات المستهدفة لاستدامة المشاريع، ووضع العمل الثقافي في صلب إسهامات مغاربة العالم.
كما دعوا إلى الإسهام في تيسير حركية الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج بين بلدهم الأصلي وبلدان إقامتهم، وتعزيز الثقة وتعميق التعاون الأكاديمي والعلمي في مختلف المجالات، وكذا جعل تجاربهم المتنوعة من أسس التنمية الترابية.
يشار إلى أن هذه الندوة الوطنية نظمت في سياق النقاش الوطني الذي انطلق في أعقاب الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في 20 غشت 2022 بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، والذي أبرز أهمية تعبئة مغاربة العالم في مسلسل التنمية بالمملكة.
كما تندرج الندوة في إطار مسلسل الجهوية المتقدمة الجاري، لا سيما أن الجماعات الترابية، وخاصة الجهات، تعد شريكا لا محيد عنه في مجال تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج.
و.م.ع/ح.ك
التعليقات مغلقة.