نقاش أخلاقي حول وضع حد لحياة الإنسان في سويسرا : انتحار أم خلاص ذاتي ؟ – حدث كم

نقاش أخلاقي حول وضع حد لحياة الإنسان في سويسرا : انتحار أم خلاص ذاتي ؟

 عبد الله شهبون : باسم ” الحق في الموت “، يلجأ آلاف الأشخاص كل سنة للمنظمة السويسرية إيكزيت (خروج) والتي، وبعد ثلاثين سنة من الوجود، تطالب بتغيير المواقف اتجاه الانتحار بمساعدة طبية، وهو ما قد يؤدي إلى تأجيج الخلافات وكذا اتهامات أولئك الذين يرون في هذه الطريقة من الانتحار شكلا من أشكال القتل غير المقبول من وجهة نظر أخلاقية.

وتعرف عمليات الانتحار بمساعدة طبية في سويسرا تصاعدا مطردا. فقد أكدت منظمة إيكزيت أنها ” ساعدت 734 شخصا على وضع حد لحياته ” خلال السنة الماضية في سويسرا الجرمانية فقط (شمال – شرق)، مقابل 300 شخص لجأوا إلى المساعدة على الانتحار في 2009 على مستوى البلاد.

وأوضحت منظمة (إيكزيت) في بلاغ يحمل عنوان ” إيكزيت عدد من المنخرطين أكثر من أي وقت مضى “، أنه وإلى حدود سنة 2017، بلغ عدد أعضائها 110 ألف عضو، من بينهم 10 آلاف انخرطوا السنة الماضية.

واعتبر نائب رئيس إيكزيت سويسرا الناطقة بالفرنسية الدكتور بيير بيك أنه ” بدون مفاجأة، نسجل على مر السنين ارتفاعا مؤشرا على تحول عميق في نظرة الأشخاص للموت “.

فقبل سنوات قليلة، كانت سويسرا وقانونها المتعلق بالانتحار بمساعدة طبية تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام في بلدان كفرنسا وألمانيا أو إيطاليا، حيث تلقى هذه الممارسة معارضة واسعة بسبب هيمنة التقاليد الكاثوليكية المتجذرة في هذه المجتمعات.

صحيح أن سويسرا، وإلى يومنا هذا تبقى من بين البلدان القلائل التي تسمح بهذا النوع من القتل الرحيم، على الرغم من أن النقاش حول ” المساعدة على الموت ” آخذ في التوسع، وخاصة في البلدان الغربية. غير أن ذلك لا يمنع من أن جزءا كبيرا من المجتمع يرفض أي إجراء يماثل الانتحار بمساعدة طبية.

وتعود إحدى الوقائع البارزة في هذا الصدد إلى 13 أبريل الماضي عندما وضعت سيدة تنحدر من فريبورغ، تبلغ من العمر 85 سنة، وعضو جمعية إيكزيت، حدا لحياتها، عن طريق ابتلاعها ل 11 غرام للبينتوباربيتال الصوديوم بمنزلها. فإذا كانت هذه السيدة تعاني من شلل نصفي مؤقت ناتج عن سكتة دماغية وإصابة بالعمى، فإن رأي الأطباء أكد على أن مثل هذه الأمراض لا يبدو أنها ستؤثر بشكل كبير على حياتها اليومية. “هذه الخلاصات تستدعي فتح مسطرة جنائية ضد مجهول للمساعدة على الانتحار ” حسب ما أكدته النائبة العامة المساعدة أليسيا كوكوميلي – ليزيباخ في بلاغ.

وبعد ثلاثة أشهر، قررت المحكمة إغلاق الملف بعدما خلصت إلى أن هذه الحالة تنسجم مع السوابق القضائية، وخاصة في قضية ” غروس ضد سويسرا ” في 2013 حيث ذهبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى حد إحداث قانون للانتحار بمساعدة طبية والذي يعتبر قتل الرحيم ك ” تعبير عن الحرية الفردية “.

ولتجنب انحرافات محتملة، يؤكد عدد من الملاحظين على ضرورة وضع آليات صارمة للمراقبة على المستوى التشريعي والقضائي، خاصة وأن الغموض يكمن على الخصوص في الأسباب التي تدفع إلى اللجوء إلى هذا النوع من الانتحار.يقول مارسيل زفالن، الباحث بمعهد الطب الاجتماعي والوقائي بجامعة بيرن ” ليس هناك أي سبب ضمني للوفاة في 16 في المائة من شهادات الوفاة، على الرغم من أن وحدهم الأشخاص المصابين بمرض لم ينفع معه علاج، أو يشتكون من آلام لا يمكن تحملها، أو إعاقة شديدة معنيون ” بالانتحار بمساعدة طبية.وفي رأي زفالن، الذي قام ببحث معمق بتمويل من الصندوق الوطني السويسري ” هناك مجموعة من حالات الوفاة يلفها الغموض، والتي لا نعرف عنها أي شيء، أو تقريبا، عن التاريخ الطبي للأشخاص “.

من جانبه، لا يخفي رئيس المنظمة غير الحكومية إيكزيت – الناطقة بالفرنسية، جيروم سويبل، ارتياحه بخصوص حكم محكمة فريبورغ، معتبرا أنه ” يعزز ممارسة الانتحار بمساعدة طبية في بلادنا “.

وأشار في حوار مؤخرا إلى أن هذه الظاهرة لم تحصل بعد على ترخيص لممارستها كما أنه لم يتم منعها، مضيفا ” أننا نوجد في منزلة بين المنزلتين مع مراقبة للقضاء، وهو نظام من شأنه الوقاية من أي انحراف “.

إن حالات اللجوء إلى القضاء مرشحة للارتفاع، مما يدل على الوعي بمخاطر الانحراف في هذا المجال، ويؤكد في نفس الوقت على أن المجتمع يبدي اهتماما كبيرا بموضوع وضع الحد لحياة الإنسان. لكن رغم ذلك، فإن بعض حالات ” المساعدة على الموت ” أججت النقاش حول هذه الظاهرة بسبب المآسي العائلية التي تنتج عنها.

وتقول الناشطة السويسرية جاكلين سالنسون أن مثل هذه الأعمال عليها أن تندرج قبل كل شيء ضمن مساطر ومواكبة طبية “، مؤكدة أن مسألة من هذا الحجم لا يجب في أي حال من الأحوال أن تصبح ذات طبيعة تجارية وفي يد هيئات خاصة.

التعليقات مغلقة.