أكد المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، اليوم الأربعاء بسلا، على الضرورة الملحة لتعبئة الجهود على الصعيدين الوطني والقاري من أجل تعزيز التنسيق بين الفاعلين ووضع مسارات واضحة تتيح تطوير الذكاء الاصطناعي في إطار يتسم بالأخلاق والمسؤولية والأمان.
وأبرز السيد بنموسى، خلال جلسة نظمت في إطار المناظرة الوطنية للذكاء الاصطناعي حول موضوع “تطوير أوجه التكامل والتعاون بين بلدان الجنوب في مجال الذكاء الاصطناعي”، أهمية انخراط الدول الإفريقية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي كفاعلين مساهمين في تطويرها وتوجيه مساراتها.
كما شدد على أهمية إرساء تحالفات إقليمية ودولية تسهم في تبادل الخبرات، وبناء القدرات البشرية والتقنية، وتطوير أدوات وتطبيقات مفتوحة المصدر، تستجيب للخصوصيات والاحتياجات المحلية.
وأوضح أن هذا التحول الرقمي، رغم ما يحمله من فرص، يطرح أيضا تحديات معقدة تتعلق بجودة البيانات، إلى جانب إشكالات أخلاقية وديمقراطية، خاصة في ما يرتبط بسيادة البيانات وشفافية القرار، منبها، في الوقت نفسه، إلى مخاطر التوقعات المبالغ فيها المرتبطة بالاستخدام غير المنضبط لهذه التقنيات.
من جهته، أكد مدير القضايا الشاملة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إسماعيل الشقوري، أن المغرب ساهم في إطار جهود قارية جماعية، في بلورة إستراتيجية إفريقية للذكاء الاصطناعي، تستند إلى تشخيص دقيق للفرص والتحديات من أجل توحيد الطاقات والخبرات الوطنية ضمن رؤية متكاملة للتعاون عبر مؤسسات الاتحاد الإفريقي.
ولفت، في هذا الصدد، إلى أن المملكة تولي أهمية قصوى لتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب، باعتباره رافعة إستراتيجية لبناء شراكات قوية ومستدامة تنسجم مع تطلعات التنمية الشاملة والحقيقية للقارة الإفريقية.
وشدد السيد الشقوري على أن المغرب يحرص، من هذا المنطلق، على ترسيخ دينامية شراكة فعالة قائمة على مبادئ التضامن، وتقاسم المعرفة، وتحقيق المصالح المتبادلة، بما يمكن من إحداث قيمة مضافة حقيقية تعود بالنفع على مجموع الأطراف الإفريقية المعنية.
من جانبه، سلط الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، الضوء على أهمية ربط قضايا الذكاء الاصطناعي بالتحديات الاقتصادية والتنموية الحقيقية التي تواجه دول القارة الإفريقية، موضحا أن 22 من أصل 26 بلدا منخفضة الدخل عالميا تقع في الجنوب، مما يجعل ضرورة التركيز على التنمية المستدامة عبر الابتكار التكنولوجي ضرورة ملحة.
وبعدما شدد على أن أهمية مواكبة الإستراتيجيات بتنفيذ فعلي على أرض الواقع، سجل السيد العيناوي أن “الابتكار الحقيقي لا يأتي من الحكومات فقط، بل من القطاع الخاص الذي يحتاج إلى بيئة محفزة تشمل نظاما ضريبيا مرنا وتمويلا يدعم المخاطر”، مشيرا إلى أن هذا هو المسار الذي يتبعه المغرب حاليا من خلال دعم الشركات الناشئة وتشجيع التعاون البحثي.
بدوره، أبرز الأستاذ الباحث بجامعة الشيخ حميدو كان بالسنغال، سيدينا موسى ندياي، أن هناك اليوم إطارا سياسيا وآليات للتشاور على المستوى الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يحتم على الدول الإفريقية أن تظهر بتمثيل منسق وفعال، مؤكدا على ضرورة أن تكون القارة “مستعدة للتحدث بصوت موحد” للدفاع عن مصالحها وحقوقها في هذا المجال الإستراتيجي.
وسجل أن الاتحاد الإفريقي انخرط في إعداد إستراتيجية قارية واضحة للذكاء الاصطناعي، مبرزا أن التحدي الحقيقي اليوم لا يكمن في صياغة الوثائق، بل في تفعيل هذه الإستراتيجيات وتنزيلها على أرض الواقع، من أجل تحقيق نتائج ملموسة تخدم الشعوب الإفريقية.
وشدد على أن “المطلوب حاليا هو بلورة خطة تطبيق عملية، واضحة ومترابطة، لتعزيز التعاون بين بلدان القارة، وتقليص الفجوة التكنولوجية، بما يضمن تنمية شاملة ومستدامة تستثمر الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لخدمة أولويات إفريقيا”.
يذكر أن المناظرة الوطنية حول الذكاء الاصطناعي، المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تهدف إلى تحديد ملامح إستراتيجية وطنية سيادية للذكاء الاصطناعي، تتكيف مع احتياجات السكان والقطاعات الاستراتيجية، وتتماشى مع التوجيهات الملكية السامية.
ويشمل برنامج هذه المناظرة، على مدى يومين، جلسات تقنية خاصة بكل قطاع، وعروضا توضيحية للمقاولات الناشئة المبتكرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فضلا عن مناقشة الأبعاد السياسية والتعاون الدولي في الذكاء الاصطناعي.
ح/م