بين الرباط وباريس تفاهم يذلل كل الصعاب – حدث كم

بين الرباط وباريس تفاهم يذلل كل الصعاب

باريس ـ عادل الزعري الجابري: لاشك أن التفاهم الاستثنائي بين المغرب وفرنسا ليس ضربا من الوهم، بل واقع محسوس تجسده كثافة الروابط العريقة، ودينامية الشراكة متعددة الأشكال، وتطابق وجهات النظر، حول عدد القضايا الإقليمية والدولية.

ان الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمغرب، خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري، بدعوة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ستحمل عنوان ضيف بارز، يعلن من خلالها أن لا شيء بإمكانه تعكير صفو علاقات راسخة بين البلدين.

فلا الصحافيون المتهورون، من ذوي الأساليب الملتوية، أو هواة تأليف الكتب ضد المغرب، ولا حتى التصريحات الخادعة لبطل مزعوم في الملاكمة، يمكن أن تفسد علاقات الود والصداقة المغربية الفرنسية.

وهكذا فإن المغرب وفرنسا سيحتفلان في الرباط باللقاء بين حليفين تجمعهما شراكة راسخة ودائمة مبنية على الثقة، نسجت منذ أمد بعيد، وتستشرف المستقبل.

ويقيم البلدان، أيضا، علاقات ترتكز على الثقة والوفاء والاحترام المتبادل، ولا تتأثر ببعض الخرجات أو الصيحات هنا وهناك.

وتندرج كثافة هذه العلاقات العريقة، المؤسسة على التقدير المتبادل، والقيم المشتركة، في إطار الاستمرارية، لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.

ولا شك أن البلدين، الحريصين على الحفاظ على قنوات التواصل والتبادل، غالبا ما ينسقان مبادراتهما حول القضايا الإقليمية، وذات المصلحة المشتركة.

فالمغرب، الذي يحظى بتقدير وذو الصوت المسموع على الساحة الدولية، يستشار ويؤخذ رأيه على محمل الجد بخصوص القضايا ذات الرهانات الاستراتيجية الكبرى.

وتستمد العلاقات المغربية الفرنسية، التي يطبعها حوار مكثف ومنتظم، قوتها، أيضا، من متانة الروابط التي تجمع بين قائدي البلدين، ويجذر التذكير هنا بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس كان اختار فرنسا لتكون أول وجهة لجلالته ضمن أول زيارة دولة للخارج سنة 2000. كما أن جلالة الملك كان أول رئيس دولة يتم استقباله بالإليزيه من قبل الرئيس فرانسوا هولاند، بعد تنصيبه رئيسا لفرنسا.

وينضاف إلى هذه الروابط الشخصية بين قائدي البلدين، تعاون ثقافي نموذجي، وعلاقات اقتصادية مكثفة، تنمو في إطار الاحترام والمصلحة المتبادلة للدولتين، إذ تتصدر فرنسا قائمة الشركاء التجاريين للمملكة بحجم مبادلات يقارب تسعة مليارات أورو.

وتجمع بين البلدين، كذلك، روابط تعاون مثمر في مجال القضاء والأمن، حيث سيتم التأكيد على الطابع النموذجي لهذا التعاون خلال زيارة الرئيس فرانسوا هولاند للمغرب، من خلال تسليم وسام جوقة الشرف للمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والأمن الوطني، وهو توشيح ينم عن اعتراف بمهنية المصالح المغربية، التي تعتبر من بين الأكثر فعالية وجاهزية بالمنطقة، والتي تقدم مساعدة قيمة للهيئات الأمنية الفرنسية في معركتها ضد الإرهاب، كما يبرهن على ذلك عدد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها بفضل التعاون مع المغرب، وهو تعاون يتجاوز الطابع الأمني المحض، ليشمل اجتثات التطرف من منابعه.

من ناحية أخرى، حظيت تجربة المغرب في مجال تكوين الأئمة بإفريقيا باهتمام فرنسا التي عبرت عن رغبتها في الاستفادة منها عبر تلقين قيم الإسلام الوسطي بالمساجد بغية التصدي للتعصب والأفكار الظلامية.

إن المغرب وفرنسا قطعا شوطا بعيدا في إطار علاقات ثابتة، هادئة وفاعلة، تتعزز، اليوم، ضمن بعد إقليمي وإفريقي ومتوسطي، مستشرفة مستقبلا واعدا لشعوب المنطقة.
ولعل من باب الجزم القول إنه ليس أمام البلدين، في سياق مطبوع بتنامي الإرهاب والتطرف الديني، وتعدد بؤر التوتر، سوى التفاهم، كيفما كانت التحديات والمخاطر السياسية من أجل مستقبل أفضل.

 

الصورة من الارشيف

 

التعليقات مغلقة.