عبد الاله ابن كيران: الحكومة سلكت مع المركزيات النقابية والفاعلين الاقتصاديين مقاربة إرادية مبنية على الصراحة والوضوح والواقعية | حدث كم

عبد الاله ابن كيران: الحكومة سلكت مع المركزيات النقابية والفاعلين الاقتصاديين مقاربة إرادية مبنية على الصراحة والوضوح والواقعية

أكد رئيس الحكومة، السيد عبد الاله ابن كيران، أن الحكومة سلكت مع المركزيات النقابية والفاعلين الاقتصاديين “مقاربة إرادية مبنية على الصراحة والوضوح والواقعية”، كما اقترحت حلولا تأخذ بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية والمالية للبلاد، وضرورة توجيه وتركيز الجهود على تحسين وضعية الفئات الأكثر هشاشة.
وقال رئيس الحكومة، في معرض رده، اليوم الثلاثاء، بمجلس النواب، خلال جلسة الاسئلة الشفهية المتعلقة بالسياسات العامة للحكومة، على سؤال يتعلق بمستجدات الحوار الاجتماعي تقدمت به فرق ومجموعة الاغلبية، إن هذا المسعى “لم يلق التجاوب المنتظر، ووجه في المقابل بمطالب عامة تعجيزية”، مبرزا أن الوضعية الاقتصادية عموما، والمستوى الذي وصلت إليه كتلة الأجور لا تسمح بأي هامش للتحرك بالنسبة للحكومة.
وأوضح السيد ابن كيران أن المغرب لم يتعاف بعد كليا من تداعيات الظرفية الاقتصادية والمالية الصعبة التي مر بها، والتي أخلت بالتوازنات المالية الكبرى، مشيرا الى أنه وبالرغم من كون المجهودات التي بذلتها الحكومة لتصحيح الوضع، مكنت من تحسين عجز الميزانية من 7,3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 ليصل الى 3,5 بالمائة نهاية هذه السنة، فإنه يتعين مواصلة مجهود ضبط النفقات العمومية وتحسين تنافسية وجاذبية الاقتصاد الوطني.
وأضاف أنه بالرغم من هذه الوضعية الصعبة، فإن الحكومة الحالية، وبالإضافة إلى تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011، استجابت لمطالب جديدة للفرقاء الاجتماعيين همت تخصيص 13,2 مليار درهم سنويا لتنفيذ الاتفاق في ما يتعلق بالزيادة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للمعاش، والحوارات القطاعية، واتخاذ تدابير لتحسين وضعية الشغل والحماية الاجتماعية بالقطاع الخاص، منها تصحيح الخلل المتعلق بشرط استيفاء 3240 يوم انخراط للاستفادة من المعاش في القطاع الخاص، وتوسيع التغطية الاجتماعية من 2,1 مليون مستخدم في 2011 إلى 3,1 مليون في 2015، وارتفاع نسبة التغطية الصحية من 34 بالمائة سنة 2011 إلى 63 بالمائة حاليا، على أن تصل 95 بالمائة بدخول التغطية الصحية للمستقلين حيز التنفيذ.
كما شملت المطالب التي استجابت لها الحكومة، يقول السيد ابن كيران، توسيع سلة العلاجات التي يغطيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والرفع من الحد الأدنى للمعاش لفائدة 12.500 مستخدم بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وكذا الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص ب10 بالمائة، وبالوظيفة العمومية إلى3000درهم صافية شهريا وإخراج نظام التعويض عن فقدان الشغل بكلفة قدرها 500 مليون درهم وإخراج عدة مشاريع قوانين لفائدة الشغيلة كتلك المتعلقة بحوادث الشغل، والعمال المنزليين، ومدونة التعاضد، والصحة والسلامة المهنية وعلاقات وشروط الشغل في الصناعة التقليدية بالإضافة إلى تفعيل صندوق دعم التماسك الاجتماعي لتمويل تعميم نظام المساعدة الطبية، ومحاربة الهدر المدرسي، وتمويل الدعم المباشر للنساء الأرامل، وتفعيل صندوق التكافل العائلي للنساء المطلقات، وتخفيض أثمنة أزيد من 2000 دواء، وتخصيص أكثر من50بالمائة من الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية (130 مليار درهم هذه السنة).
كما تطرق رئيس الحكومة، في هذا الاطار، إلى مصادقة الحكومة على مشاريع قوانين إصلاح نظام المعاشات للموظفين، منذ 7 يناير 2016، وذلك من أجل إنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد والذي يهدد وضعه أكثر من 400 ألف أسرة في أفق 2022.
واعتبر أن هذا الإصلاح جاء تتويجا لمسار طويل من الدراسات والمشاورات وبعد سنوات من الحوار مع النقابات، وبعد الاطلاع على توصيات المجلس الأعلى للحسابات واستشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مبرزا أن هذا المشروع تضمن، إلى جانب الإصلاحات المقياسية، مقتضيات تهم الرفع من الحد الأدنى للمعاش من 1000 إلى 1500 درهم، على مدى 3 سنوات .

كما أخرجت الحكومة، يضيف السيد ابن كيران، مشروع قانون يرمي إلى إحداث نظام للتقاعد لفائدة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء، وعلى مشروع قانون بإحداث نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة نفس الفئات، مما سيمكن تدريجيا فئات عريضة من المجتمع من الاستفادة من التغطية الصحية والتقاعد، وبالتالي الرفع من نسبة التغطية الاجتماعية.
وكشف السيد ابن كيران أن الحكومة اقترحت في البداية على الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين عرضا بتكلفة مالية قدرها 2 مليار درهم ثم 3 ملايير درهم لتصل إلى 6 ملايير درهم، يتضمن بالأساس رفع التعويضات العائلية من 200 إلى 300 درهم في الشهر عن كل طفل في حدود ثلاثة أطفال، ومن 36 درهما إلى 136 درهما في الشهر عن كل واحد من الأطفال الآخرين، وهو ما يعني زيادة في الأجر قد تصل إلى 600 درهم شهريا، مع الزيادة في منحة الولادة من 150 درهما عن كل ولادة إلى 1000 درهم، بكلفة مليار درهم، وإحداث درجة جديدة بالنسبة للهيئات المرتبة في الدرجات والسلالم الدنيا، لا سيما المساعدون الإداريون والمساعدون التقنيون، مع مواصلة الحوار حول إحداث درجة جديدة بالنسبة لباقي الهيئات المعنية بطريقة تدريجية فضلا عن إطلاق المشاورات بشأن إصلاح التعويض عن الإقامة والمناطق النائية.
وسجل أنه في الوقت الذي قطع فيه الحوار أشواطا مهمة، طالبت ثلاث مركزيات نقابية بتوقيع اتفاق جديد مع الحكومة على شاكلة اتفاق 26 أبريل مع التنصيص على إعادة إصلاح نظام المعاشات المدنية إلى طاولة المفاوضات، وتقدمت بمذكرة جديدة تضمنت مطالب يقدر أثرها المالي ب 40 مليار درهم سنويا، في حين عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب عن عدم قبول أي زيادة في الحد الأدنى للأجر أو في المعاشات.
وقبل أن يتم إعلان نهاية جولة الحوار الاجتماعي،يقول السيد ابن كيران، سارعت جل المركزيات النقابية إلى الدعوة إلى إضراب وطني في الوظيفة العمومية وعملت بعض النقابات على عرقلة مناقشة مشاريع القوانين بمجلس المستشارين “بشكل يتنافى تماما مع دور وأخلاقيات هذه المؤسسة الدستورية”.
وأكد رئيس الحكومة، في هذا السياق، أن التحدي الذي تواجهه المملكة، ليس هو تركيز المجهود العمومي على وضعية الطبقات التي تعيش وضعا لا بأس به،”بل هو كيفية إيصال جزء من المجهود التنموي لبلادنا إلى الفئات الضعيفة والمهمشة المتواجدة في أدنى السلم الاجتماعي، لأن تحقيق الس لم الاجتماعي الحقيقي يتأتى من خلال إدماج الفئات والمجالات المقصية والمهمشة في الدورة الإنتاجية والتنموية”.
ويرى رئيس الحكومة أنه ليس من المنطقي أن يقتصر الحوار مع النقابات دوما على الزيادة في الأجور، بل ينبغي أن يستحضر أيضا، وعلى الخصوص، السبل الكفيلة بالرفع من المردودية والإنتاجية ومن تنافسية الاقتصاد الوطني وسبل خلق فرص الشغل المنتج لاستيعاب سوق الشغل لأكبر عدد ممكن من السكان النشيطين.
ودعا، في هذا الصدد، إلى تضافر جهود الجميع، فرقاء اجتماعيين واقتصاديين وحكومة، من أجل توفير الظروف المناسبة لتسريع وتيرة النمو وإرساء الآليات اللازمة من أجل تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية لبلدنا، وضمان سبل العيش الكريم لكل المواطنين والفئات.
وكان رئيس الحكومة قد توقف في مستهل جوابه عند السياق العام الاقتصادي والمالي والاجتماعي لهذا الملف، منوها الى أن الحكومة عند توليها للمسؤولية في 2012، وجدت أمامها 3 معضلات أساسية لخصها في ظرفية اقتصادية صعبة وحرجة بفعل الركود الاقتصادي لشركاء المغرب، واستمرار ارتفاع وتقلب أسعار المواد الأولية، وعلى رأسها المحروقات، وتراكم ديون الدولة اتجاه القطاع الخاص بصفة عامة، وشركات المحروقات بصفة خاصة، والتي راكمت لوحدها ما يناهز 21 مليار درهم من المتأخرات.
وسجل أيضا في السياق ذاته ان الحكومة وجدت اختلالا “عميقا وخطيرا” في التوازنات الماكرو اقتصادية، تمثل في تدهور كبير للمالية العمومية وللحساب الخارجي، حيث بلغ عجز الميزانية 7,3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وبلغ عجز حساب العمليات الجارية 9,7 بالمائة من الناتج الداخلي العام، و التزامات اجتماعية ثقيلة ومكلفة، في إطار اتفاق 26 ابريل 2011، الذي وقعته الحكومة السابقة، وتحملت الحكومة الحالية مسؤولية تعبئة الإمكانيات المالية اللازمة للوفاء بها، والتي تجاوزت 13 مليار درهم سنويا.
واكد ان الحكومة حرصت ،في ظل هذا السياق المضطرب، وعلى امتداد السنوات الخمس الماضية، على عقد اجتماعات الحوار الاجتماعي، حيث عقدت مع الشركاء الاجتماعيين ما بين 2012 و 2015، ثماني جولات للحوار، فضلا عن اجتماعات اللجان الموضوعاتية واللجان القطاعية، واللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد.
وتم أيضا خلال شهري أبريل وماي 2016، عقد 4 جولات للحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف برئاسة رئيس الحكومة. كما عقدت اللجنة التقنية التحضيرية لهذا الحوار 8 جلسات للمناقشة والتفاوض حول النقط المدرجة في جدول الأعمال والتي همت تحسين الدخل والمعاشات، ومتابعة اتفاق 26 أبريل، واحترام الحريات النقابية، وإدماج القطاع غير المهيكل، وتعزيز الحماية الاجتماعية، والتشريع الاجتماعي، وإطلاق الحوار القطاعي، وإصلاح أنظمة التقاعد، ومأسسة الحوار الاجتماعي وتطوير التفاوض الجماعي.

map

 

 

التعليقات مغلقة.