نظم، امس الأربعاء بالعاصمة الفرنسية، حفل تكريم لذكرى المقاومين المغاربة الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، وذلك بمبادرة من القنصلية العامة للمغرب بباريس، بشراكة مع بلدية الدائرة الخامسة عشرة للمدينة.
ويأتي تزامنا مع النداء التاريخي الذي أطلقه الجنرال دوغول في 18 يونيو 1940، الذي دعا فيه إلى إبقاء “شعلة المقاومة الفرنسية”، مشتعلة قائلا إن “فرنسا ليست وحدها!”.
وجمع هذا الحدث عدد من أفراد عائلات قدماء المحاربين، ومنتخبين، وأعضاء من الجالية المغربية، وأصدقاء المغرب، بحضور القنصل العام للمملكة بباريس، ندى بقالي حسني، وعمدة الدائرة الخامسة عشرة، فيليب بوجون، ورئيس جمعية قدماء المحاربين المغاربة، ميشيل سكاربونشي، حيث تم وضع أكاليل زهور عند “نصب الشهداء” بساحة البلدية، قبل أن يتم عزف النشيدين الوطنيين للبلدين.
وقال السيد بوجون، في كلمة بالمناسبة، إن “هذا التكريم داخل مقر بلديتنا يكتسي اليوم طابعا خاصا، أولا لأنه يعكس تشبتنا بالجالية المغربية المهمة المقيمة في الدائرة الخامسة عشرة، والتي تمثلها رسميا القنصل العام للمغرب، وأيضا بالنظر إلى ما تحمله هذه الدائرة من رمزية قوية كفضاء للذاكرة، التي غالبا ما كانت مأساوية، لاسيما خلال الحرب العالمية الثانية”.
وبالنسبة لعمدة الدائرة الخامسة عشرة، فإن تنظيم هذا التجمع في هذا المكان، بعد مرور 80 سنة، يهدف إلى “تكريس واجب الذاكرة الملح، سواء تجاه ضحايا البربرية النازية، أو تجاه أولئك الذين رفضوا، في ليلة الاحتلال الرهيبة، التنازل عن حريتهم وضميرهم، وأوقدوا شعلة الأمل، هؤلاء الرجال والنساء الذين ساهموا في تحرير بلادنا”.
وأضاف قائلا: “إننا نكرم اليوم، بشكل خاص، المقاومين المغاربة الذين كان لهم دور حاسم في استعادة حريتنا. فالشعب المغربي وقف إلى جانب فرنسا في أحلك فترات تاريخها”.
من جهتها، أكدت السيدة ندى بقالي حسني على أن هذا الاحتفاء لا يكر م رجالا فقط، بل أيضا القيم الكونية التي دافعوا عنها.
وتابعت بالقول: “إننا نجتمع هنا لنتذكر آلاف المغاربة الذين غادروا، دون تردد، ديارهم وأرضهم لتلبية نداء معركة لم تكن معركة أمة واحدة فحسب، بل معركة من أجل الحرية، والعدالة، والكرامة الإنسانية”.
ولم يفت القنصل العام الإشادة بشجاعة المقاومين المغاربة الذين تمكنوا، بكل تفان وتضحية، من كتابة صفحة أساسية في التاريخ المشترك بين فرنسا والمغرب، مبرزة أنهم أبانوا في ساحات المعارك عن “شجاعة مثالية”، مجسدين “أسمى قيم الشرف، والوفاء، والأخوة”، حيث وحدوا مصيرهم بمصير الجنود الفرنسيين في “أخوة سلاح لم يمحها الزمن”.
وشددت على أنه “من واجبنا نقل هذه الذاكرة”، إنها “ليست مجرد أرشيف بسيط للماضي، بل هي درس وإرث حي، وأساس ترتكز عليه القيم المشتركة بين بلدينا”، معربة عن سعادتها برؤية عدد كبير من التلاميذ وطلبة المدارس والثانويات ضمن الحضور.
وأعربت عن ارتياحها لرؤية هذا الرابط التاريخي العميق، الذي تشكل في آلام الحرب، استمر وتعزز في زمن السلم، ليتخذ اليوم “شكلا جديدا، من خلال التعاون والحوار والصداقة والأخوة بين شعبينا”.
وخلصت إلى القول إن “هذا الرابط الإنساني، الذي غذته أجيال من المغاربة المقيمين في فرنسا، ومن الفرنسيين الذين نسجوا علاقات مع المغرب، هو كنز ينبغي علينا مواصلة رعايته”.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أشاد رئيس جمعية قدماء المحاربين المغاربة، ميشيل سكاربونشي، بهذه المبادرة التي تجمع، ولأول مرة، بين تخليد النداء التاريخي للجنرال دوغول في 18 يونيو 1940، وتكريم الجنود المغاربة الذين ساهموا في تحرير فرنسا.
حدث/ومع